أرشيف

النظام يفقد غطاء الخارج وشباب الثورة يصرون على مطلب التنحي الفوري

لم يكن مستغرباً على نظام يده ملطخة بالدماء أن يرتكب مجزرة بحق المعتصمين في محافظة تعز بعد أن فعلها في ساحة التغيير بالعاصمة ، لكن المستغرب أن تأتي عقب يوم من لقائه بعدد من الخائرين من مشائخ وأعيان تعز يقودهم سلطان البركاني ورشاد العليمي وعبدالعزيز عبدالغني وجابر عبدالله غالب وحفيد الشهيد محمد علي عثمان وعبده الجندي.


لقد ذكرهم الرئيس بوفاء تعز له في 78م وأكد لهم بأنه لن ينسى ذلك الجميل، في حين كانت رصاص قناصاته تحصد أرواح أبناء تعز في رد منه على ذلك الجميل وتعبيراً عن حقيقة تقديره لمن قدموا لتجديد الولاء له.


قوات النجدة والحرس الجمهوري والأمن المركزي والشرطة العسكرية تفتح نيرانها الحية بشكل عشوائي على المتظاهرين السلميين ، ما أسفر عن سقوط 15 شهيداً ومئات الجرحى ، ليخرج بعدها المحافظ حمود الصوفي مبرراً المجزرة بادعاء سخيف مفاده محاولة المتظاهرين اقتحام مبنى المحافظة فهب المواطنون لردعهم وأن قوات الأمن دافعت فقط عن نفسها بإطلاق الرصاص في الهواء .


يراوغ النظام في إطالة أمد بقائه على مخاوف الخارج -وهذه نقطة خسرها مؤخراً- ومراهناً على ملل المعتصمين في ساحات التغيير والحرية من الاستمرار ، خاصة في ظل تركيز أركانه على الحشد الأسبوعي لمؤيديه ، حتى ولو باتت عدد من المحافظات خارج سيطرته. فضلاً عن ما يشكله ذلك الحشد من إرهاق مالي له. وفي نفس الوقت يبقي الرئيس علي عبدالله صالح على تقديم ما يعتبره تنازلات للتوافق السياسي بشأن الأزمة الراهنة غير أنها تكون في نظر المعارضة قد فات أوانها والتي كانت تقول إن القرار بيد الشارع المطالب بالرحيل الفوري ،لكنها هذه المرة تقدمت برؤية للانتقال السلمي للسلطة دون أن تعرضها على هذا الشارع أو تناقشها مع الشباب المعتصمين في الساحات .


الرؤية تضمنت خمس خطوات لانتقال آمن للسلطة، يقوم الرئيس في الأولى بإعلان تنحيه عن منصبه ، ونقل سلطاته وصلاحياته لنائبه، وتضمنت االخطوة الثانية أن يقوم النائب فور توليه السلطة بإعادة هيكلة الأمن القومي، والأمن المركزي، وكذا الحرس الجمهوري ، بما يضمن تأديتهم لمهامهم وفقاً للدستور والقانون تحت قيادات ذات كفاءة ومقدرة بمعايير وطنية ومهنية، بعيداً عن معايير القرابة والمحسوبية وتخضع لسلطة وزارة الداخلية، ووزارة الدفاع، في حين لم تشر إلى بقية القوات المسلحة.


وتنص الخطوة الثالثة على أن يتم التوافق مع الرئيس المؤقت (النائب سابقاً ) على صيغة للسلطة خلال الفترة الانتقالية تقوم على قاعدة التوافق الوطني بحيث يتم تشكيل مجلس وطني انتقالي تمثل فيه كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي وشباب الساحات ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني والمرأة على أن يشمل كل مناطق اليمن . ويتولى بصورة أساسية إجراء حوار وطني شامل تشارك فيه كافة الأطراف السياسية في الداخل والخارج دونما استثناء وتطرح فيه كافة القضايا على طاولة الحوار للخروج بحل لكافة القضايا ومنها القضية الجنوبية ، والتوصل إلى رؤية للإصلاحات الدستورية الكفيلة بتحقيق الحريات السياسية والثقافية وبناء الدولة المدنية الحديثة ، و تشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين لصياغة مشروع الإصلاحات الدستورية في ضوء نتائج الحوار الوطني الشامل، و تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقته تترأسها المعارضة وتتولى إضافة إلى مهامها الدستورية تسيير الأمور وتصريف الأعمال ، و تشكيل مجلس عسكري مؤقت من القيادات العسكرية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة وتحظى باحترام وتقدير في أوساط الجيش، بحيث تمثل في المجلس كل تكوينات القوات المسلحة ، ويشرك فيه ممثلون عن المتقاعدين قسرياً بعد حرب 1994 ، وذلك بصورة تجسد وحدة ووطنية هذه المؤسسة لتقوم بدورها وواجباتها الدستورية باعتبارها “ملك للشعب كله ومهمتها حماية الجمهورية وسلامة أراضيها وأمنها” بالإضافة إلى مهمتها المؤقتة في حماية ثورة الشعب السلمية ، والحفاظ على الأمن والاستقرار وصيانة كيان الدولة.


فيما تضمنت الخطوة الرابعة تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاءات العامة تتولى:إجراء الاستفتاء على مشروع الإصلاحات الدستورية، وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بحسب الدستور الجديد.


وتضمنت الخطوة الخامسة التأكيد على حق التعبير السلمي وحرية التظاهر والاعتصامات السلمية وغيرها لجميع أبناء اليمن ، ويتم التحقيق في الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون في كافة الساحات وعلى وجه الخصوص مجزرة عدن وصنعاء وأبين وغيرها من الحالات التي استخدم فيها الرصاص الحي والقنابل الغازية وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمة ، وتعويض الجرحى والمعوقين وأسر الشهداء.


وفي أول رد رسمي على هذه المبادرة اعتبرها نائب وزير الإعلام عبده محمد الجندي ناتجة عن تخزينة قات ،فيما قلل نائب رئيس الدائرة الإعلامية للحاكم منها. ومن جهته قال الناطق الرسمي باسم أحزاب اللقاء المشترك محمد قحطان إن الهدف من المبادرة هو إعطاء فرصة أخيرة للرئيس صالح من أجل التنحي وتسليم السلطة لأياد أمينة حسب طلبه.


شباب ثورة التغيير المرابطون في ساحات الاعتصامات يرفضون حتى اللحظة أي مبادرة لا تتضمن رحيلاَِ فورياَ للرئيس صالح وأقاربه بما في ذلك مبادرة المشترك الأخيرة.


كما أن رؤية المشترك هذه قوبلت بانتقاد من داخله ، حيث كتب القيادي الاشتركي محمد المقالح على حائطه إن رؤية المشترك تعيد إلى السطح كل الأطراف التي كانت سبب المشكلة وتسببت في تفجر الأزمة ثورة وغضبا ما يعني إعادة إنتاج كل قضايا الأزمة من جديد .


من جانبه حزب رابطة أبناء اليمن(رأي) -الذي يعد أول حزب أعلن انضمامه للثورة الشبابية -هو الآخر انتقد رؤية المشترك معتبراً أنها شجعت نظام الرئيس علي عبدالله صالح الذي وصفته بـ”المنتهية صلاحيته” على المناورات التي أجلت رحيله . وإذ أقر حزب “رأي” بأن المشترك يعترف بأنه لا يمثل ثورة الشعب، فإنه انتقد دخول تلك الأحزاب في حوارات ومبادرات مع النظام، وقال إنها خلقت وهماً لدى النظام بإمكانية وجود تسوية مع ثورة شباب شعبنا السلمية، وهو الأمر الذي أخّر سقوط النظام ورحيله، “بل وجعله يتجرأ في استخدام العنف ضد الشباب في ميادين الحرية وساحات التغيير ويتحمل وحده مسؤولية ما ارتكب من جرم”. مؤكداً في بيان أن الثوار لن يسمحوا بتحويل هذه الثورة الشعبية السلمية التاريخية من ثورة لإسقاط النظام كاملاً بكل رموزه إلى شخصنة وكأنها فقط ضد شخص وأسرته، وليست لإزالة منظومة حكم بكل رموزه.


وللأسبوع الثاني على التوالي يجهد الحزب الحاكم في الدفع بمؤيدين له من جميع المحافظات إلى العاصمة صنعاء لحضور ما أسمي بجمعتي التسامح والإخاء الماضيتين وهو ما يعطي النظام حالة من النشوة والشعور بأن هناك من لا يزال يرغب في بقائه مع علمه بالفاتورة المكلفة لهذه الحشود والتي لا يرغب أن تظهر حقيقتها.


هذا الأسبوع استنفرت وسائل الإعلام الرسمية لنفي خبر نشرته وكالة رويترز عن أن من حضروا جمعة الإخاء حصلوا على مبالغ قدرت بــ 250 دولارا للمشارك الواحد وأن من قدموا من خارج صنعاء حصلوا ما بين 300 و350 دولارا .بل إن هذه الوسائل ادعت أن رويترز قامت بتصحيح ما ورد من معلومات أرسلها إليها أحد مراسليها في صنعاء من منطلق تعصبه الحزبي للمعارضة ، في حين لم يجر أي تعديل على خبر الوكالة.


بالمقابل تضاعف أعداد المطالبين برحيل نظام الرئيس علي عبدالله صالح في جمعة الخلاص بشكل غير متوقع له في 15 محافظة، حيث احتشد أكثر من مليون شخص في ساحة الحرية بمدينة تعز للجمعة السادسة على التوالي للمطالبة برحيل الرئيس على عبدالله صالح. وقد أغلقت قوات الأمن مداخل مدينة تعز أمام السيارات والوافدين من مناطق الريف ومنعتهم من الوصول إلى المدينة وساحة الحرية، فيما سمحت للمؤيدين للنظام بالدخول.وقد كان لهذا الحشد الجماهيري المليوني ردة فعل جنونية لدى النظام الذي حضر قواه وهاجم الأحد الفائت بشكل عنيف المعتصمين في ساحة الحرية والشوارع المجاورة لها، مستخدما ً الرصاص الحي والقنابل مخلفاً ما يقارب الألف مصاب وكررها أمس الأول بقتل حوالى 17 متظاهراً وإصابة المئات.


وفي العاصمة صنعاء امتلأت الشوارع المحيطة بساحة التغيير بمئات الآلاف ، حيث امتدت الحشود ما بين جولة سبأ في حي الحصبة حتى جولة مذبح بداية شارع الستين ، ومن جولة الفرقة الأولى مدرع حتى قبل جولة كنتاكي، ومن تقاطع جولة جامعة صنعاء حتى المعهد الوطني للعلوم الإدارية إضافة إلى شارع الكويت والزراعة والحرية ، ومن جولة القادسية حتى قرب محطة الرباط .


وعلى خلاف عادة الرئيس الذي يسترسل في خطاباته كان هذه المرة أكثر حرصاً على الاقتضاب تجنباً منه للتناقض الذي يقع فيه .. لقد تعهد بالتضحية ” بروحه ودمه وبالغالي والنفيس من أجل الشعب.


و تمنى صالح من المعارضة أن يكون خطابها حصيفاً ومسئولاً بحيث يخاطبون الجماهير دون أن يتلفظون بألفاظ غير مسئولة، كما اشترط لبحث انتقال السلطة إنهاء الاعتصامات.


وحشد الحزب الحاكم جمهوره من مختلف المديريات بالمحافظات إلى ميدان السبعين لتأييد الرئيس، مرددين شعارات “الشعب يريد علي عبدالله صالح” و”بالروح بالدم نفديك يا علي”، في محاولة لاستعادة زمام المبادرة في مواجهة الحركة الاحتجاجية المتصاعدة ضد نظام صالح منذ أواخر يناير الماضي..


وردا على خطاب صالح قال القيادي في المشترك محمد الصبري إن “الشعب يريد منه تضحية واحدة، وهي ان يتنحى” مؤكدا في تصريح صحفي أن استمرار الرئيس لحشد أنصاره لن يعيد الحياة لنظامه الميت سياسيا واقتصاديا ” بل انه سوف يدمر الخزينة العامة .


مطلع الأسبوع الحالي اتخذ التصعيد شكلاً آخر ، وتحديداً في محافظة عدن التي شهدت عدد من مديرياتها عصياناً مدنياً استجابة لدعوةاطلقها شباب ثورة 16 فبراير.


المديريات التي استجابت للعصيان المدني هي الشيخ عثمان والمنصورة وكريتر والمعلا والبريقة، حيث تم فيها إغلاق عدد كبير من المحلات التجارية وتوقف حركة المواصلات وتعطلت العملية التربوية.


ولاتزال العملية الدراسية في مدارس ومعاهد وكليات محافظة عدن متوقفة بسبب تغييب عدد كبير من طلاب المدارس ومنع أهاليهم لهم من الذهاب خوفا عليهم من مصادمات قد تحدث .


وفيما خفف النظام من اعتدائه على المعتصمين في العاصمة صنعاء ، صعدها في المحافظات الأخرى وخاصة في محافظات تعز والحديدة وحجة .


وحاولت أطقم أمنية فجر السبت الفائت اقتحام ساحة التغيير بمدينة الحديدة بالقوة ، وقام رجال الأمن بالاعتداء على المعتصمين بالهراوات وإطلاق الرصاص الحي بهدف تفريق المعتصمين في الشارع المقابل لساحة الاعتصام ليسفر هذا الهجوم عن إصابة 7 أشخاص بجروح مختلفة . ذات الأمر تكرر على مدى الثلاثة الأيام الماضية ليرتفع عدد المصابين إلى 750 شخصاً.


وفي محافظة حجة نفذ عشرات من بلاطجة المؤتمر هجوماً على المعتصمين السلميين بالهراوات والعصي الكهربائية والرصاص خلف عشرات الجرحى.


المحاولات التي يسعى النظام دفع البلاد نحوها بقصد إثارة مخاوف الناس لفتت انتباههم إلى مواجهة ذلك والدعوة لتشكيل لجان شعبية لحماية الأحياء والمصالح العامة والخاصة .ومن ذلك أن دعت اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة الثورة الشبابية الشعبية السلمية في محافظة عدن لتشكيل اللجان الشعبية والأهلية المناط بها حماية أرواح المواطنين والأملاك الخاصة والعامة.


وكان “شباب الثورة” بساحة التغيير بالعاصمة صنعاء، اتهموا نظام الرئيس علي عبد الله صالح بالإعداد لما أسموه “مؤامرة ضد الشعب المطالب بالتغيير السلمي” معتبرين أن ذلك يأتي “ضمن سلسلة من العقوبات الجماعية التي يشنها على جميع اليمنيين عبر الضغط على المواطنين من خلال قطع وتقليل الخدمات الأساسية من غاز وماء وكهرباء” في حين حذر مسؤول في الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة صنعاء من خطورة تداعيات الأزمة السياسية في اليمن على الوضع الإقتصادي وتراجع ميزان المدفوعات.


لا يكتفي المعتصمون في ساحات التغيير والحرية بترديد الشعارات المطالبة برحيل النظام ، بل يناقشون صورة اليمن لما بعد الثورة ، فعلى أعتاب عهد جديد، يؤمل اليمنيون كثيراَ في بناء دولتهم المدنية التي يرون بأنها ضمانة للحقوق والحريات وملبية لتطلعات الشعب مستقبلا، لكن ذلك لا يخفي مشاعر الخوف لديهم من أن تصل مرحلة الثورة السلمية إلى مرحلة شبيهة بمرحلة ما بعد حرب (1994) حينما ذهب الإسلاميون للبحث عن الشريعة في حين ذهب صالح للبحث عن تشريعات تقوي نظامه وجعلته يلتف على كل سلطات الدولة-كما يقول الكاتب (زايد جابر).


الحديث عن ملامح الدولة اليمنية لمرحلة ما بعد نظام صالح، بات اليوم يشكل هاجساَ لدى الكثيرين من الناشطين والحقوقيين والصحفيين والسياسيين في المنتديات السياسية ومراكز الدراسات، لعل آخرها الندوة التي نضمها الخميس الفائت مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية في ساحة التغيير بصنعاء.


المشاركون في الندوة اعتبروا المخاوف التي تسيطر على البعض في الداخل أو الخارج بشأن تحول اليمن إلى بيئة حاضنة للجماعات الإرهابية بأنها غير منطقية.


حيث استبعد الناشط عبد الخالق السندة تأثير الإرهاب على مستقبل الدولة المدنية، على اعتبار أن النظام اليمني الحالي هو من يسهل بيئة الإرهاب واللعب بها في إطار لعبته السياسية الرابحة في الداخل والخارج -كما يقول السندة- متسائلا لماذا كل تلك المخاوف الدولية ما دام الإرهاب قائماً؟ وهل حقق النظام الحالي نجاحا في القضاء عليه؟ ويجيب على تساؤلاته، بتفصيل طبيعة البيئة الحاضنة للإرهاب دوليا، مستبعدا أن تكون للمجتمعات المحلية علاقة بالإرهاب، بقدر ما يبدو بمثابة فخ تنصبه الأنظمة بهدف الحصول على الدعم الدولي الذي يعاني من عقدة القاعدة.


ويستبعد (السندة) إمكانية أن تتأثر الدولة اليمنية ذات الصيغة المدنية بالإرهاب مستقبلا في حال قامت على البناء المؤسسي، بقدر ما سيختفي نتيجة اختفاء العوامل الجاذبة له، واستبعد في الوقت ذاته بأن تنفصل صعدة أو الجنوب مستقبلا، فمحافظة صعدة بنظر (السندة) كانت وما زالت إحدى الأوراق السياسية للنظام الحالي شأنها شأن الإرهاب.


فعلى المستوى المحلي كان دعم نظام صالح للشباب المؤمن بهدف مجابهة حزب الإصلاح، وعندما استطاع اللقاء المشترك أن يحتوي تلك الجماعة، حولها النظام ككرت لما يصفها (السندة) بصراع الأجنحة من خلال محاولة صالح تصفية جيش الدولة واستنزافه لصالح بقاء جيش الأسرة.


أما على المستوى الإقليمي فيتهم (السندة) صالح بأنه يحاول ابتزاز دول المنطقة خصوصا السعودية، موضحا بان قضية صعدة لم تبدأ إلا عندما زارها الرئيس صالح في طريقه للحج.


وفي حديثه عن الحراك الجنوبي يتهم (السندة) جهاز المخابرات بأنه وراء مطالب البعض ذات النزعة الانفصالية، على اعتبار أن المطالب في الجنوب بدأت مطلبية وسلمية قبل أن تنخرط أجهزة الأمن فيها من خلال تعكير مهرجان الحراك في الضالع وتحويل المطالب السلمية إلى مطالب الانفصال، وأن دعوات الانفصال تصاعدت نتيجة غياب الاحتجاجات في الشمال، لكن عندما توحدت مطالب اليمنيين اختفت الدعوات المطالبة بالانفصال رغم محاولات النظام تشجيع هذه البؤرة. وتوقع السندة بأن تختفي دعوات الانفصال مستقبلا لاسيما في ظل رئيس من الجنوب وحكومة لا مركزية ماليا وإداريا.


الضغط الخارجي على نظام صالح كان خفت قليلاً بالتوازي مع مساع أمريكية عبر سفيرها في صنعاء لترتيب نقل السلطة ، في حين انتقد شباب الثورة اليمنية ما وصفوه بالموقف “المخجل” للإدارة الأمريكية إزاء ثورتهم الشعبية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس صالح.


وفي الغضون ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين أمريكيين ويمنيين أن الولايات المتحدة خلصت إلى انه ليس من المحتمل أن يطبق الرئيس علي عبد الله صالح أي إصلاحات وعليه أن يتنحى.


وكان بيان صادر عن اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية أبدى استغرابه إزاء عدم استجابة الولايات المتحدة لمطالب الشعب اليمني وثورته العظيمة التي أثبتت أنها سلمية كاملة بطريقة تفوق كافة الثورات التي شهدتها المنطقة والتي كان للإدارة الأمريكية موقف ايجابي واضح منها مغاير لموقفها الملتبس من الثورة اليمنية”. طبقاً للبيان.


وفي هذا الصدد، دعا شباب الثورة الإدارة الأمريكية إلى مغادرة الغموض واتخاذ موقف مساند للثورة اليمنية السلمية بما يتناغم مع حقوق الشعوب ومبادئ حقوق الإنسان ورفض الاستبداد والديكتاتوريات ، و المطالبة الفورية لعلي صالح “بالرحيل”. واستهجنوا تصريحات وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس تجاه الثورة اليمنية السلمية.


وقال البيان “نستغرب كيف تقع الإدارة الأمريكية ضحية التقارير الأمنية الكاذبة التي يقدمها علي صالح عن القاعدة والإرهاب، فتتورط في اتخاذ مواقف يكون ضحاياها مدنيين وأبرياء بينما يسرح الإرهابيون وينعمون بمساندة النظام ودعمه”. ودعا البيان الإدارة الأمريكية إلى إيقاف كافة أشكال الدعم والمساعدة التي تقدمها لنظام صالح وإيقاف “التعاون الأمني المشبوه مع نظام يمثل بيئة حاضنة ومصدرة للإرهاب بينما يستخدم الدعم لقمع معارضيه”.


وأشار البيان إلى ما وصفها بـ”عديد حالات كان فيها صالح ونظامه متواطئاً ومتحالفاً مع القاعدة وآخرها الانسحاب المفاجئ لقوات الجيش وترك المعسكرات وما تحويه من عتاد وآليات عسكرية مفتوحة في أبين، ما أدى إلى سقوط أكثر من مائة وخمسين شهيداً وعشرات الجرحى من المدنيين”.


وقالت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية في اليمن “على الإدارة الأمريكية أن تعلم أن ليس ثمة مكان للقاعدة والإرهاب في ظل ثورة الشعب اليمني السلمية والتي حققت السلام والوئام الداخلي وتلاشت معها كافة الحروب والصراعات الداخلية قبل أن يتحقق لها السقوط النهائي للنظام”.


وشددت على أن “قوى الثورة الشبابية الشعبية السلمية هي من ستضمن الاستقرار في اليمن وستساهم بشكل فاعل في كفالة السلام والتعايش الاقليمي والعالمي ، وأن اليمن بدون نظام علي صالح ستكون أفضل وبدونه ستحقق علاقات قوية قائمة على الشراكة الحقيقية والشفافية والمصالح المشتركة بين الشعوب والأمم، تحترم الاتفاقات والمواثيق والعهود الدولية”.


كما دعا شباب الثورة الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وكافة دول العالم إلى كشف وتجميد أرصدة علي صالح وأبنائه وأبناء أخوته والتي استولوا عليها من المال العام كنتيجة لإساءة استغلال السلطة.


وبالرعم من موقف الخارج الضبابي تجاه ثورة الشباب إلا أن مخاوف الخارج من انفلات الأوضاع آخذ في التصاعد ، حيث حثت الولايات المتحدة وبريطانيا رعاياهما في اليمن على مغادرته فوراً. وقالت السفارة الأميركية بصنعاء في بيان لها إن الوضع في اليمن يتدهور بشكل سريع، وأن التظاهرات القادمة قد تؤدي إلى مواجهات عنيفة.ودعت رعاياها إلى البقاء بعيداً عن القصر الرئاسي ومسجد الصالح وميدان التحرير وجامعة صنعاء.


من جهتها، حثت وزارة الخارجية البريطانية بقوة الرعايا البريطانيين على مغادرة اليمن فورا في أعقاب ما وصفته بتدهور سريع في الوضع الأمني وقالت الوزارة في بيان “بالنظر الى الوضع على الأرض فانه ليس من المرجح بشكل كبير أن تكون الحكومة البريطانية قادرة على إجلاء الرعايا أو تقديم المساعدة القنصلية لهم في حالة انهيار القانون والنظام بصورة اكبر وزيادة الاضطرابات المدنية العنيفة ، وطالبت رعاياها في اليمن بالرحيل، حيث ما زالت شركات الطيران التجاري تسير رحلات جوية.


فرنسا هي الأخرى طلبت مجددا من المواطنين الفرنسيين المتواجدين في اليمن ، مغادرة البلاد مؤقتا وبصورة عاجلة.

نقلا عن صحيفة الوسط

زر الذهاب إلى الأعلى